نخب الصحراء – كلميم
جراء تصاعد التهديدات المرتبطة بخسائرها للأنظمة الحليفة لها في دول افريقيا، وتحت وطأة تنامي الأصوات المحلية الرافضة للوجود الفرنسي، والداعية إلى ضرورة بناء شراكات متوازنة تُخرج دول القارة من نطاق التبعية.
تفاقم تلك الأحداث والتطورات الضغوطات التي يواجهها الاقتصاد الفرنسي، المُثقل أساساً بتبعات الحرب في أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا، ولا سيما في ضوء اعتماد باريس على حلفائها في القارة السمراء فيما يخص واردات بعض المواد الأساسية.
وفي منتصف نونبر الماضي، دخلت فرنسا على خط إنتاج الهيدروجين الأخضر والطاقات المتجددة بالمغرب، وتحديدا بمنطقة الداخلة، من خلال شراكة بين شركة “هيدروجين فرنسا” المعروفة اختصارا بـ HDF Energy و”فالكون كابيتال الداخلة”، والتي تهم مشروع “الكشبان البيضاء”.
المثير في الأمر هو أن الإعلان عن هذه الخطوة جرى بعد يومين فقط من تأكيد السفير الفرنسي بالرباط، كريستوف لوكورتيي، دعم بلاده لمخطط الحكم الذاتي المغربي في الصحراء تحت السيادة المغربية، وذلك من خلال تصريحات عبر محطة Radio 2M.
وقال لوكورتيي إن بلاده تعلم منذ وقت طويل الأولوية التي يعطيها المغرب لملف الصحراء، مضيفا “لكن أحيانا يكون هناك نوع من “المحاكمات الخاطئة” التي تصدر عنها تقييمات غير دقيقة للموقف الفرنسي”، وأبرز أن ذلك هو ما دفع السفير الممثل الدائم لفرنسا لدى الأمم المتحدة لتوضيح الأمور، والتأكيد على أنه منذ أن أقدم المغرب مخط الحكم الذاتي للصحراء في 2007، كانت فرنسا إلى جانبه، معتبرا أن هذا الدعم “كان تاريخيا” وأن موقف باريس ظل دائما واضحا جدا.
وقال لوكورتيي إن بلاده لم تقف عند حدود التذكير بدعمها التاريخي للمقترح المغربي، ولكن أيضا الآن “يجب التقدم إلى الأمام”، وهو ما أشار إليه ممثلها في الأمم المتحدة قُبيل صدور القرار الأخير لمجلس الأمن، مبرزا أن باريس منخرطة في هذه الدينامية التي يقودها المغرب لتطوير جهات الصحراء، حيث ستكون مرافقة له من خلال حوار ثابت حتى يصبح المخطط المغربي هو الأكثر حضورا على المستوى الدولي.
فرنسا اليوم, وبخطوات حذرة، تحاول التسلل والبحث عن فرص تعزز وجود مصالحها اقتصادية في الأقاليم الصحراوية المغربية، في ظل محاولاتها المتكررة لتصحيح أعطاب العلاقات مع الرباط التي تدهورت منذ حوالي ثلاث سنوات، حيث انتقل سفيرها بالرباط، كريستوفر لوكورتيي رفقة اثنين من ممثلين ديبلوماسيين، إلى جهة كلميم واد نون، من أجل الإشراف على افتتاح فرع لغرفة التجارة والصناعة الفرنسية بمدينة كلميم.
ووفق ما كشفت عنه غرفة التجارة والصناعة الفرنسية بالمغرب، فإن رئيستها كلوديا غاوديو فرانسيسكو، انتقلت رفقة السفير لوكورتيي، إلى جهة كلميم واد نون، أمس الأربعاء، مرفوقين أيضا بالقنصل العام الفرنسي بأكادير، ميشيل شاربونيي، والقنصل العام الفرنسي بالدار البيضاء، كريستيان تيستو.
واعتبرت الغرفة أن افتتاح فرعها بمدينة كلميم تمثل خطوة جديدة لإنفتاحها على كل جهات المغرب، مذكرة بأنها افتتحت فرعا لها بمدينة العيون في ماي سنة 2017، وآخر في مدينة الداخلة في مارس سنة 2019، وبذلك أصبحت ممثلة رسميا بالجهتين, جهة العيون الساقية الحمراء وجهة الداخلة وادي الذهب.
والأمس و بإفتتاح فرع لها بمدينة كلميم فقط اتمت بذلك تمثيلها بجهات الصحراء الثلاث، وهو ما يتيح للشركات ذات العضوية في الغرفة الاستفادة من مجموعة من الخدمات والامتيازات، كما يسهل دعم المستثمرين الراغبين في خلق مشاريعهم على المستوى المحلي.
ويأتي ذلك تزامنا مع احتضان مدينة كلميم للنسخة السابعة للأيام الاقتصادية المغربية الفرنسية، والتي استقطبت العشرات من رجال الأعمال والفاعلين الاقتصاديين الفرنسيين، الذين سيزورون، رفقة السفير الفرنسي، مدن الجهة، وسيتعرفون على ما تتيحه من فرص اقتصادية.