نخب الصحراء – كريم تكنزا
بعد إبعاده من منصب الرجل الرابع في هرم الدولة، وتواريه عن الأنظار في المشهد السياسي بالصحراء، عاد النعمة ميارة إلى الواجهة بشكل مفاجئ إلى جانب الأمين العام لحزب الاستقلال نزار بركة. عودة فتحت الباب أمام أكثر من قراءة لما يجري داخل البيت الاستقلالي في الصحراء.

النعمة ميارة يعد من أبرز القيادات النقابية والسياسية في الصحراء، إذ برز اسمه منذ سنة 2015 حين انتُخب رئيسا للجنة المالية والشؤون الاقتصادية بمجلس جهة العيون الساقية الحمراء، قبل أن يزيح حميد شباط سنة 2017 من قيادة الذراع النقابي للحزب، ويتحول إلى أحد رجالات الصف الأول. هذا المسار تعزز أكثر بانتخابه رئيسا لمجلس المستشارين سنة 2021، غير أن مساره السياسي عرف منعطفا كبيرا مع فقدانه هذا الموقع سنة 2024 لصالح منافسه محمد ولد الرشيد، ما شكل بداية مرحلة غياب لافتة عن الأضواء.

غياب ميارة عن الأنشطة الحزبية بالصحراء، وخاصة عن اللقاء البارز بمدينة السمارة الذي جمع معظم أقطاب الحزب، طرح أكثر من علامة استفهام حول موقعه الحقيقي داخل معادلة التوازنات الاستقلالية. فالرجل الذي كان دائم الحضور في الإعلام والأنشطة التنظيمية، بدا وكأنه أقصي تدريجيا من المشهد، وهو ما غذّى فرضية وجود صراع صامت بين أجنحة الحزب بالأقاليم الجنوبية.
غير أن ظهوره المفاجئ خلال اجتماع اللجنة التنفيذية بقيادة نزار بركة مساء الثلاثاء، والذي خُصص لمناقشة التطورات الوطنية بما فيها ملف الصحراء ونتائج لقاء السمارة، يعكس أن ميارة لم يغادر بعد دائرة القرار داخل حزب الميزان، بل ربما يخطط لعودة تدريجية عبر البوابة المركزية، ولو من خارج الساحة المحلية بالصحراء.

بين الغياب الطويل والعودة المفاجئة، يظل السؤال معلقا: هل نحن أمام بداية إعادة توزيع أدوار داخل حزب الاستقلال بالأقاليم الجنوبية، أم أن ظهور ميارة بجانب بركة مجرد رسالة ظرفية لا تحمل دلالات عميقة؟ ما هو مؤكد أن المشهد الاستقلالي بالصحراء مقبل على تحولات جديدة، ستكشف الأيام القادمة مدى تأثيرها على توازن القوى داخل الحزب وعلى مستقبل حضوره السياسي بالمنطقة، تابعونا في مقال مقبل سنسلط الضوء أكثر على ما يجري خلف كواليس حزب الإستقلال بالصحراء وكيف يمكن ان تؤثر موازين القوى بالعيون على التوزنات بالداخلة.