نخب الصحراء – أخبار
يبدو أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون اختار مجددًا التصعيد وقطع الطريق أمام أي مسعى عربي لتقريب وجهات النظر بين بلاده والمغرب، إذ رفض بشكل غير مباشر وساطة سعودية تهدف إلى تطبيع العلاقات بين البلدين الشقيقين.
وفي خطاب ألقاه أمام كبار قادة الجيش الجزائري، قال تبون: “هناك إخوة، مدفوعون بنية حسنة، يطلبون منا إعادة فتح الحدود مع المغرب”، قبل أن يبرر إغلاقها بأعذار واهية، مدعيًا أن “الحدود لم تُغلق بسبب الصحراء الغربية، بل لأسباب أخرى”، مضيفًا أن “من بين 63 عامًا من الاستقلال، كانت حدودنا مغلقة لأكثر من 45 عامًا.”
تصريحات تبون تعكس، وفق مراقبين، تمسك النظام الجزائري بخطاب العداء تجاه المغرب، رغم الدعوات العربية المتكررة إلى تغليب منطق الحكمة ووحدة المصير المشترك. فقد سبق للرئيس الجزائري أن رفض، في ديسمبر 2022، وساطات عربية مشابهة، حين قال إن “لا دولة يمكنها أن تتوسط بين الجزائر والمغرب.”
وجاءت تصريحات تبون هذه المرة في سياق حديث متزايد عن تحركات سعودية جديدة لإعادة الدفء إلى العلاقات المغربية-الجزائرية، بعد أن استقبل الرئيس الجزائري، الإثنين الماضي، السفير السعودي لدى الجزائر عبد الله بن ناصر البصيري، الذي سلّمه رسالة من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. والغريب أن وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، غاب عن هذا اللقاء، في خطوة أثارت تساؤلات حول جدية الجزائر في التعاطي مع أي مبادرة للمصالحة.
في المقابل، واصل المغرب نهجه الدبلوماسي الهادئ والبنّاء، حيث استقبل الملك محمد السادس، الثلاثاء، الأمير تركي بن محمد بن فهد بن عبد العزيز آل سعود، وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء السعودي، الذي حمل رسالة شفوية من ولي العهد السعودي، في دليل على عمق العلاقات المتينة التي تجمع المملكتين المغربية والسعودية، والمبنية على الثقة والتنسيق المستمر في مختلف القضايا الإقليمية.
وبالتوازي مع هذه التحركات، عقد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين لقاءً في موسكو مع السفير المغربي لطفي بوشعرة، جرى خلاله تأكيد الموقف الثابت للمغرب بشأن وحدته الترابية، ومناقشة تطورات قضية الصحراء المغربية تحت إشراف الأمم المتحدة، في ظل دعم متزايد من القوى الكبرى لحلّ سياسي واقعي يكرّس مبادرة الحكم الذاتي كخيار جاد وذي مصداقية.
تأتي هذه التطورات بينما يستعد مجلس الأمن الدولي لاعتماد قرار جديد حول الصحراء المغربية نهاية الشهر الجاري، وسط تفاؤل مغربي متزايد بأن يشكل القرار خطوة نوعية نحو تثبيت الطرح المغربي، في ظل دعم واشنطن وباريس ولندن.
وبينما تنشغل الدبلوماسية المغربية بتعزيز موقعها على الساحة الدولية وإرساء جسور التعاون مع شركائها، يواصل النظام الجزائري تبديد الفرص التاريخية لإعادة بناء الثقة في الفضاء المغاربي، مفضلاً التمسك بخيارات العزلة والمواقف المتصلبة التي تجاوزها الزمن.