فاجعة الداخلة ..  حينما تبتلع المليارات وتتحول الأزمات الى حملات  

22 يوليو 2025
فاجعة الداخلة ..  حينما تبتلع المليارات وتتحول الأزمات الى حملات  

نخب الصحراء – مقالات

استفاقت ساكنة جهة الداخلة وادي الذهب، ليلة أمس، على فاجعة إنسانية أليمة بعد اندلاع حريق مهول داخل مستشفى الحسن الثاني، أسفر عن وفاة رضيع بريء وخلق حالة من الذعر والهلع في صفوف المرضى والأطر الصحية. مأساة لم تكشف فقط هشاشة البنية الاستشفائية، بل عرّت بالكامل الواقع المؤلم الذي يعيشه القطاع الصحي بالجهة، رغم الشعارات البراقة والأرقام الضخمة المرصودة.

حسب تقارير مجلس الجهة، يتم تخصيص ميزانية سنوية تقارب 2 مليار درهم للقطاع الصحي، موزعة على الشكل التالي:

  • 1.2 مليار درهم لخدمات الاستشفاء؛
  • 300 مليون درهم لاقتناء الأدوية؛
  • 500 مليون درهم لنقل المرضى خارج الجهة.

وخلال ولاية الرئيس الحالي ينجا الخطاط، بلغ مجموع الإنفاق على الصحة ما يقارب 20 مليار درهم. أرقام فلكية كان من الممكن أن تُحدث تحولًا جذريًا في واقع الرعاية الصحية، وأن توفّر بيئة آمنة للمرضى، لا مستشفيات تفتقر لأبسط شروط السلامة.

ورغم كل ذلك، ظل مستشفى الحسن الثاني، وهو المنشأة الأبرز بالجهة، عرضة للتآكل والإهمال، إلى أن تحول إلى مسرح فاجعة دامية كان يمكن تفاديها بحد أدنى من المسؤولية والحرص الإداري.

ما زاد من وقع الصدمة، ليس فقط الحريق وما خلفه من مآسي، بل الطريقة التي تم بها تسييس الكارثة. ظهر الرئيس الجهوي في مشهد “استعراضي”، محاطًا ببعض أتباعه، مرددين عبارة: “أول سياسي بالداخلة يحضر للاطمئنان على المرضى”. وكأن الحضور الارتجالي أمام عدسات الكاميرا يغني عن سنوات من سوء التدبير والتغاضي عن الخلل المزمن.

فبدل أن يُقدم الحساب، أو أن يفسح المجال لتحقيق نزيه حول ما جرى، تحوّل المشهد إلى عرض انتخابي رديء، يُستغل فيه وجع المواطنين من أجل جني نقاط سياسية زائفة.

إنّ ما حدث في مستشفى الحسن الثاني لا يجب أن يُعامل كحادث معزول، بل كجرس إنذار صارخ يُنذر بعواقب استمرار سياسة التجميل الإعلامي على حساب الاستثمار الحقيقي في أرواح الناس. والمطلوب اليوم ليس صورًا تضامنية جوفاء، ولا بيانات استعراضية، بل محاسبة واضحة ومسؤولين يضعون كرامة الإنسان فوق الحسابات السياسية الضيقة.

كفى من استغلال المآسي لتلميع صور باهتة. فالفواجع لا يجب أن تتحوّل إلى وقود لحملات انتخابية، بل إلى لحظة وعي جماعي ومسؤولية حقيقية لإعادة ترتيب الأولويات، وإعلاء المصلحة العامة فوق كل اعتبار.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *